تعلم أن آلامها ستعود من جديد ! .. كلا ، ليست آلامها النفسية فهي قادرة على وأدها و إخفائها .. و أحياناً تجاهلها ! .. و لكنها آلامها الجسدية التي ذاقتها منذ سنوات و لم يكن لها قبل بتحملها ! .. كل يوم تجلس على الكرسي كأنها في انتظارها ! .. تودع أولادها كل صباح لتمر الدقائق الميتة حتى تستقبلهم عند عودتهم ! .. صاروا رجالاً .. لكن يبقى في صدرها فجوة تشعرها بشئ ينقصها .. شئ مهم !
كفت عن الحديث منذ أيام لا لشئ إلا لأنها تشعر أنها تتحدث بالفعل طوال الوقت .. إن لم يكن بلسانها ! .. يفهمونها أو لا يفهمونها .. المهم ألا يلومها أحد ! .. و هل بإمكان أحد أن يلوم آلة ؟! .. تنظيف البيت ، طهي الطعام ، الرد على الهاتف ، الاستماع لهم .. و له ، النظر في وجوههم .. و وجهه .. حتى السير في الطرقات الضيقة للبيت الواسع .. كل ذلك تفعله - أو تحاول فعله - على أكمل وجه .. ليبدو ناقصاً .. مشوهاً !
نظرت إلى زوجها في محاولة منها للصراخ .. و إن كان صراخاً غير مسموع ! .. و حتى إن كان مسموعاً ، فهي لا تعتقد أنه سينتبه ! .. يرن الهاتف بجانبها ، ترفع السمّاعة لتجده شقيقها .. تمر الكلمات في آلية و جمود عن " الحال و الصحة " .. هو ينتظر أن تقول له شئ .. أن تخبره بشئ ! .. و هي تحاول أن تبعث إليه برسالة عبر نبرة صوتها فقط التي راحت تغلفها في كلمات اعتيادية ! .. قبل أن ينهي معها مكالمته يقول بلهجة عميقة .. " ماتخافيش ، إنتي ليكي ضهر " .. لتضع السمّاعة في هدوء ثم تدمع عيناها .. لا لشئ إلا لأن ابتسامتها قد عادت من جديد !
"حتى السير في الطرقات الضيقة للبيت الواسع"
ردحذفبالنسبالي الجملة دي تلخيص قاسي جدا للقصة كلها.. وصفتي فيها كل المعاناة والوحدة وعدم الأمان
أكتر من رااائع بجد
تسلم إيدك
يسلم تعليقك يا ضيا .. ^^
حذف