الأحد، 8 يوليو 2012

أسفل الهدوء ..


تعلم أن آلامها ستعود من جديد ! .. كلا ، ليست آلامها النفسية فهي قادرة على وأدها و إخفائها .. و أحياناً تجاهلها ! .. و لكنها آلامها الجسدية التي ذاقتها منذ سنوات و لم يكن لها قبل بتحملها ! .. كل يوم تجلس على الكرسي كأنها في انتظارها ! .. تودع أولادها كل صباح لتمر الدقائق الميتة حتى تستقبلهم عند عودتهم ! .. صاروا رجالاً .. لكن يبقى في صدرها فجوة تشعرها بشئ ينقصها .. شئ مهم !


كفت عن الحديث منذ أيام لا لشئ إلا لأنها تشعر أنها تتحدث بالفعل طوال الوقت .. إن لم يكن بلسانها ! .. يفهمونها أو لا يفهمونها .. المهم ألا يلومها أحد ! .. و هل بإمكان أحد أن يلوم آلة ؟! .. تنظيف البيت ، طهي الطعام ، الرد على الهاتف ، الاستماع لهم .. و له ، النظر في وجوههم .. و وجهه .. حتى السير في الطرقات الضيقة للبيت الواسع .. كل ذلك تفعله - أو تحاول فعله - على أكمل وجه .. ليبدو ناقصاً .. مشوهاً !


نظرت إلى زوجها في محاولة منها للصراخ .. و إن كان صراخاً غير مسموع ! .. و حتى إن كان مسموعاً ، فهي لا تعتقد أنه سينتبه ! .. يرن الهاتف بجانبها ، ترفع السمّاعة لتجده شقيقها .. تمر الكلمات في آلية و جمود عن " الحال و الصحة " .. هو ينتظر أن تقول له شئ .. أن تخبره بشئ ! .. و هي تحاول أن تبعث إليه برسالة عبر نبرة صوتها فقط التي راحت تغلفها في كلمات اعتيادية ! .. قبل أن ينهي معها مكالمته يقول بلهجة عميقة .. " ماتخافيش ، إنتي ليكي ضهر " .. لتضع السمّاعة في هدوء ثم تدمع عيناها .. لا لشئ إلا لأن ابتسامتها قد عادت من جديد !

هناك تعليقان (2):

  1. "حتى السير في الطرقات الضيقة للبيت الواسع"

    بالنسبالي الجملة دي تلخيص قاسي جدا للقصة كلها.. وصفتي فيها كل المعاناة والوحدة وعدم الأمان

    أكتر من رااائع بجد

    تسلم إيدك

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.