الجمعة، 22 يونيو 2012

ملكوت !


أخبرني بأننا نمُر بأكثر من حياة بين السقطتين .. سقطة الولادة و سقطة الموت ! .. نحن نظن أن كل ما نمُر به غريب عنا ، لكن يكفي وقفة - ليست بالطويلة - لاكتشاف حقيقة أن كل حياة ما هي إلا تفسير كبير لصورة مصغّرة قد شاهدناها من قبل .. و ربما كنا أبطالها في يوم من الأيام ! .. صورة تبدو عادية .. تعقيدها يتجلّى في قمة بساطتها ! .. صورة نعبرها ربما يومياً .. لكننا لا نتوقف عندها طويلاً ! .. قد يكون ذلك بسبب رفضنا للمواجهة بإرادتنا .. فيكفي ما واجهناه رغماً عنا !


الصحراء .. حياة كل صاحب هدف ! .. اللون الصارخ في تلك الصورة يعرف باسم " السراب " ! .. لكن عندما تدب الحركة في هذه الصورة يتحول السراب إلى حقيقة ! .. قد لا يعترف من حولك بأنها حقيقة .. ذلك لأنك وحدك " البطل " ! .. تسير نحو هدفك الذي لا يراه سواك بالرغم مما تقذفه الشمس من قيظ يكاد يحرق رأسك و جلدك ! .. و اختباء العديد من العقارب و الأفاعي تحت الرمال في انتظار قدمك كي تستقبل رغماً عنك لدغة لن تأخد جزءاً من الثانية حتى تقضي عليك ! .. هم يرونك محض مجنون .. ميت لا محالة ! ، لكنهم لا يدركون - و لا حتى أنت - ما تحمله من قوة تدفعك للسير حى تصل ! .. حسناً ، ربما هناك شئ أكبر من الهدف .. هو ما يبقيك كالصبّار حياً !


البحر .. حياة كل صاحب زمن ! .. نحن مخلوقات بريّة حتى و إن كنا نعشق البحر حد الذوبان فيه و في جزيئاته ! .. قد يفهمنا هذا المخلوق الجبّار بشكل خاطئ و يعتقد أننا نتطفّل عليه ! .. لذا فلا ينبغي إلقاء اللوم عليه حينما تصبح ردود أفعاله شرسة و مخيفة ! .. البداية معه واحدة .. و هي " عشقه " ! .. و لكن قد تختلف النهاية ! .. ما بين البقاء على " عشقه " ! ، أو " الغفران " له - و إن كنا لا نقدر على نسيان ما فعله بنا - ! ، أو " الخوف " منه .. و ربما " مقته " أيضاً ! .. هناك من يختار خوض تلك الحياة ، و هناك من لا يستطيع صد إغوائها كالندّاهة ! .. في الحالتين ستصبح شخصاً آخر عليك أن تصادقه كي تكمل و تنجو !


السماء .. حياة كل صاحب أمل ! .. مخلوق لا يستطيع صد أحد من بقية المخلوقات الصغيرة ، المتناهية في الصغر .. أمثالنا ! .. نظل في اعتقادنا أن لا نهاية لها ، و لكن في الغالب ندرك نهايتها بنهايتنا نحن ! .. لكنها بالرغم من ذلك تبقى أروع مخلوق على الإطلاق ليلاً أو نهاراً ! .. تثير كل ما هو ساكن فيك لتحثه على التحرك و البدء ! .. مجرد النظر إليها يربت على قلبك .. يسعدك ، ثم يحفزك على المواصلة ! .. حسناً ، ربما لا فرق بينها و بين " الأم " ! .. بفضلها تستمر في السير و كلما أنهيت طريقاً ، بدأت في غيره .. و هكذا إلى أن تصل لصفحتك الأخيرة ! .. قد تحزن لأنك ستفترق عنها  ، لكنك ستظل ممتناً لها لأنها منحتك حياة .. ليست كالحياة ! 

هناك 13 تعليقًا:

  1. اعتبرتيالولادة سقطة و عادلتيه بالموت و هنا يكمن ابداعك رؤيتك المختلفة التعمق داخل الهدف و الزمن و الأمل في استخلاص معنى الحياة حتى يستطيع الوقوف من سقطته الأولي ليواجه معاناته حتى يسقط سقطته الثانية
    البيئة المحيطة و التناغم معها هي ما يعيننا على ادراك ذواتنا
    لو علقت كما يجب لما انتهيت فكل كلمة في تدوينتك تستحق وقفة خاصة
    أحسنتي يا صديقتي و اسمحي لي أن أضع لينك تدوينتك على صفحتي

    ردحذف
    الردود
    1. ربنا يكرمك يا مصطفى .. من غير ما تستئذن حطها على طول هو أنا أكره .. :D

      حذف
  2. طلب أخوي يا ريت تلغي كلمة التحقق

    ردحذف
    الردود
    1. و لإني مكنتش عارفة هلغيها إزاي ، فأنا قعدت أجرب حاجات كدة و بيتهيألي والله أعلم إنها إتلغت .. ^^

      حذف
  3. صباح الخير يا نهى .. :)
    صباح الكتابة الحلوة .

    ردحذف
    الردود
    1. صباح * الدعم و كل حاجة حلوة * يا شيماء .. ;)

      حذف
  4. جميلة جدا تعريفاتك لهذا الملكوت بمفرداته المعروفة و لكن بنظرة مغايرةو روح أخرى..جميل جدا..تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. ألف شكر يا أحمد .. والله أدينا بنحاول أهو .. :))

      حذف
  5. رؤية متميزة
    وتعريفات عميقة للحياة ومحتوياتها

    سعيدة بتواجدي لديكِ
    أشكر الاستاذ مصطفى الذي عرفنا على قلم
    نادر...

    تحيتي لك عزيزتي

    ردحذف
    الردود
    1. أنا إللي سعيدة بوجودك هنا يا زينة .. و إن شاء الله مش هتزهقي طول مانتي هنا .. ;D

      حذف
  6. طيب ... مدونتك إكتشاف عظيم ... والتدوينة دي تؤكد ذلك

    و والله مش مجامله :)

    ردحذف
    الردود
    1. و بجد مش هزار .. فرحتني بالكلمتين دول .. :))

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.