الأربعاء، 27 يونيو 2012

ربما يطير يوماً ما !


لم يولد " أبكم " كما يدعي الجميع ! .. لا يعاني من أعراض " مرض نفسي أو عصبي " كما يظنون ! .. ليس " ممسوساً " كما يعتقد البعض ! .. هو فقط أدرك - منذ بدأ وعيه يتشكل - أنه لا ينتمي إلى هذا العالم أصلاً .. أو حتى إليهم ! .. حروفهم تثقل لسانه ! .. كلماتهم مبهمة تزيد من عبثية الأجواء من حوله ! .. تصرفاتهم تنبع من إرادة أشياء أخرى لا إرادة أنفسهم ! .. أي أنهم في عينيه مجرد " ردود أفعال " !


لا يراه أحد إلا عندما يصعد إلى أقفاص الحمام كل غروب ! .. شيئاً فشيئاً أدرك أن هذا هو عالمه الأصلي ! .. ليس لأنه استطاع تفسيره و فهمه بحكم التعوّد ، و لكن لأنه منذ علمه بوجود مخلوقات تدعى " الطيور " و رؤيته إياها .. و هو بات يعرف عنها كل شئ ! .. لغتها ، حيلتها ، تفكيرها ، أحاسيسها ، إصرارها ، صلابتها .. كل شئ ! .. لذلك وجد أنه من الأفضل له البقاء معها و بصحبتها !


بالأمس أقلق جميع من حوله ، فقد طال وقت مكوثه بالأعلى ! .. عندما صعدوا وجدوه كما اعتادوا وجوده ! .. جالساً ، صامتاً ، يتجلى في نظرته ذلك الشرود العميق ! .. لم يشأ النزول معهم و راح يقاوم قبضات أيديهم بكل ما يملكه من قوة ..حتى تركوه في يأس ثم انصرفوا غير عابئين به ! .. لم يلحظوا أنه جلس يراقب ذلك الطير الصغير ، فاليوم كان موعد أولى دروس تعليمه الطيران من أبويه .. لكنه رفض !


نظر في جناحيه ليفحصهما و لكن ما من خطب بهما ! .. يبدو أنه لا يصدق تكوينه الحر ! .. لا يقتنع إلا بالجاذبية ، و إلا فلِم يفضل القفز فوق الأرض و يخشى الاقتراب من أي حافة كي لا يسقط ! .. فكرة تسللت إلى عقله بنعومة ! .. حتماً هذا الطائر مثله ! .. ولد في العالم الخطأ لذا فهو غير قادر على الانتماء ! .. فضّل أن يستمر في مراقبته له علّه يستيقظ في الصباح ليجد الأحوال قد تبدلت و العوائق قد ذابت .. ليضحى هو " الطائر " و يضحى طيره " هو " !

هناك 6 تعليقات:

  1. حتماً هذا الطائر مثله ! .. ولد في العالم الخطأ لذا فهو غير قادر على الانتماء

    ناقشتي قضية الاغتراب بطريقة جميلة جدا

    يسلم قلمك

    ردحذف
    الردود
    1. يسلم تعليقك يا ضياء .. مبسوطة إنها عجبتك .. :)

      حذف
  2. هو كالطائر اتى في العالم الخطأ
    ذلك العالم الذي يحطم الأجنحة و يحرم الطيران فلنتحرر من ذواتنا و ننطلق بأعلى و ندع أرواحنا تحلق بعيدا مع الطيور لنتنسم رائحة السحاب و نحتسي من الشمس كأس النور و لننعم بجنة خاصة خلقناها بأنفسنا لأنفسنا فقط فلنتحرر من الجاذبية

    خاتمة التدوينة تفوق الوصف أبدعتي يا نهى فأضحى هو الطائر و يضحي طيره (هو)
    رائعة جدا يا عزيزتي قد كتبت شيئا مثل ذلك فلتشاركيني اياه
    http://6eyr-elramad.blogspot.com/2012/06/blog-post_23.html

    ردحذف
    الردود
    1. يا رافع من معنوياتي دايماً كدة .. علم و جاري القراءة .. :)

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.