تأملت حالي و أنا نائم .. تعجبت ! .. من أين أتيت بهذا السلام و الاطمئنان و قد قضيت عمري القصير في خطر دائم كأنني ولدت به ؟! .. يبدو أنه العدل الذي كانوا يتحدثون عنه ! .. أكثرهم صخباً يموت في هدوء ، و أكثرهم هدوءاً يرحل و هو يؤدي مشهده الأخير على خشبة المسرح ببراعة و دون أن يدري ! .. أعتقد أنني لم أعد وحيداً و لم أكن كذلك في تلك الفترة الأخيرة الخاطفة .. ذقت حلاوة الحياة التي وعدني بها الخالق ثم صمت إلى الأبد و أنا سعيد !
عن سعادتي التي تذوقتها أتحدث .. أنا من وجدتهم و قد صاروا يشبهونني فجأة ! .. قلوبنا مكشوفة ، شفافة .. كل منا يعرف الآخر حق المعرفة رغم أننا نلتقي لأول مرة ! .. في نفس الوقت نصرخ ، نتألم ، نضحك .. ثم نكمل ! .. صرت أفسرهم و هم كذلك .. صاروا يفهمونني ! .. نتنبأ بأشياء في حديثنا كأننا أولياء ! .. تتساقط أخطاؤنا فنبكي دون دموع .. ثم نتنفس في راحة أكبر ! .. لم يعد وجود للخطر .. أي خطر ! .. سعادتنا مشتركة ، تتسع كهذا الفضاء ! .. تتحقق أحلامي – التي لم أنتبه لها يوماً و ربما لم أدركها أيضاً – معهم !
لم أكن أعلم أنني كنت أرغب ، أتمنى و أحلم ! .. حقاً لم أكن أعلم ذلك ! .. يكفيني ذلك الاهتمام بعد ازدراء طويل ، يكفيني هذا الدفء بعد صقيع قاسٍ .. و يكفيني أنني رحلت و أنا راض عن الدنيا بعدما انتزعت حقي منها .. فالموت للبعض قد يكون هو أكبر انتصار يسجلونه في كتابهم .. إن لم يكن الوحيد ! .. يحملونه معهم ، يعلقونه فوق صدورهم ، يسيرون به نحو الخلود ، لا يكترثون لأحاديث غير مفهومة من ألسنة بشر لا يفهمون ! .. يكفي ما عرفوه و ما سعوا إليه ، يكفي اطلاعهم على أسرار غيبية برضا الخالق .. يكفي هذا الانتصار !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.