كان أبي يقول دوماً إنني الأكثر " شقاوة " بين إخوتي إن لم أكن الوحيد الذي أتسم بها ! ، و لكن .. لِم لا و حياتي الهادئة كانت تستفزني للصخب ! .. لم أكن أسكن إلا بمشاهدة حفلات " أم كلثوم " معه .. عندما تسلط تلك الكاميرا البسيطة أمام هذه الكتلة البشرية المصغية أحس بأن شيء ما داخل عقلي يختمر .. و يحاول إيجاد طريقة للنطق و التعبير !
وقتها أخبرت أبي أنني أريد أن أصبح زعيماً يلتف حوله الجميع ! .. ربما لرغبتي في صداقة العالم بأسره ! .. قال لي " إن الإعجاب بالبشر يزول مثلهم و تبقى في الدنيا أشياء أكثر صلابة ! .. كن فكرة تُرضي الخالق فيرضى عنك .. صِرْ فكرة يؤمن بها الناس حتى موتهم فيرثها من يخلفهم ! "
كان يريدني أن أصبح جزءاً من كل امريء أصل إليه ! .. كنت أفهم حديثه ، لكني لم أكن أعلم كيف سأطبقه .. كيف سأصير فكرة ؟! ، حتى جاء ذلك اليوم الذي أحسست فيه بحريتي ! .. تخليت عن الجاذبية .. أو تخلت هي عني ! .. صرت أملك السماء و الأرض ! .. رأيت جزء مني في إيمانهم و توكلهم .. و غضبهم أيضاً ! .. كنت أحس طوال الوقت بأنهم يتطلعون إليّ ، ينظرون لي .. ربما بغير إرادتهم ! .. لم أعد مثلهم ، لقد تركت جسدي .. و صرت فكرة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.