" كنت في السيرك أشاهد قرود الشمبانزي المدربة ، تركب البسكليتات و تجري بقباقيب الانزلاق .. و كنت أرى السباع و النمور المفترسة تلعق خد مدربها في خضوع .. و عجبت أشد العجب للإنسان الذي ساد مملكة الحيوان كلها و أخضعها لأمره و إشارته ، كيف لم يستطع أن يخضع الحيوان بداخله ؟!
إنه لا شك يستطيع بدليل ما أرى أمامي ، و لكنه هذه المرة لا يريد .. فقد اختار أن يترك حيوانه الخاص على سجيته ليلعب معه لعبة اللذة ..
اختار أن يتركه على حريته ليقاسمه هذه المصلحة العاجلة ، و الإنسان المكير يفعل ذلك بخبث و يدعي أنه ضعيف و أن حيوانيته غلبته ، و لكنه يكذب ليبرر لنفسه ما يختلس من لذات !
و ما أجرأه على الكذب ذلك الذي مشى على القمر و ارتحل إلى النجوم ، و أخضع وحوش الغاب حينما يدعي أنه لا يستطيع أن يحكم الوحش بداخله .. "
مصطفى محمود
من كتاب .. " من أمريكا إلى الشاطيء الآخر "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.