" و نحن في الحياة العادية التي نتعامل فيها مع الفرح و الحزن و الاكتئاب و التفاؤل نفقد الإحساس بهذه الانفعالات بكثرة المزاولة .. ( نعرفها ) .. بحيث لا نعود نتوقف عندها أو نكتفي بها .. إذا نجح فينا أحد يجد نفسه يكاد لا يحس بالنجاح ساعة وقوعه إذ هو على الفور يبدأ يتساءل عما بعده ، عما يفرح أكثر ، حتى إذا جاء الأكثر يجد نفسه يطالب بالأكثر و الأكثر !
و لهذا فالنتيجة أننا لا نفرح في السجن حين يحدث ما يفرح من طول افتقادنا للفرحة ، نحس بها .. نلمسها و تضطرب بها أجسادنا و تحفل بطاقات من نشاط الفرحة الغامر ، و نرى أبواب أمل واسعة في صدورنا تتفتح ، و تنبهر بالنور الكثير يكتسح أمام أعيننا الظلام الكثيف الرابض داخلنا ..
فعلاً نفرح ، لا يهمنا كثيراً ما بعده بقدر ما يهمنا أنه جاء و أننا نحياه .. لكأن كلما ضيقت علينا الحياة اتسع إحساسنا بها ، و كلما قلت كميتها أصبح لكل دقيقة من دقائقها وقع أروع و أثمن ! "
يوسف إدريس
من مجموعة .. " النداهة "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.