الاثنين، 18 فبراير 2013

نبتون ..


عزيزي الغريب .. كم مرّة أدركت فيها أنّك في ( المكان الخطأ ) أو أنّك في زمنٍ لم يمنحك صبغته و لم تكتسب أنت منه أيّ شئ ؟! .. أنت تعلم أن كلّ ما تقدر على فعله حينئذ هو السيّر الدائم ، أن تركض و تستمر في الركض باحتراف ! .. لن يمكنك التوقُّف بإرادتك لكنّك ستكون مستعدّاً لتقبُّل كلّ ما سيوقفك ! .. حسناً ، أخبرني .. كيف سيكون حالك إذا علمت أنّك تنتظر أحدهم قادم إليك من ..... ما رأيك في نبتون ؟! ، تلك الكُرة الزرقاء البعيدة و الغامضة .. أحدهم من يقدر على تفسير رائحة الأطفال التي لا تقلّ غموضاً عن نبتون نفسه ! .. صراخ القِطط المثير للألم بقدرٍ أكبر من الخوف ! .. أحاديث الجُدران و خشخشاتها التي تشبه الهمسات ! .. و المطر الكثيف الناعم الذي لا يعلن عن قدومه !

هل تعلم أني أخشى السيّر وحدي ، ربما لأنني لا أريد أن أعجّل بهذا الأمر ! .. فأنا أعلم أنه في يومٍ ما سأصير وحدي بالفعل .. ( وحدي ) بالمعنى الحرفيّ للكلمة ! .. حسناً ، قد يكون الأمر ليس سيّئاً إلى هذا الحدّ ، فقد يكون ذلك مجرّد تهيئة لفكرة الرحيل وحيداً ! .. كدت أنسى .. شاهدت بالأمس شئ لم أره منذ سنوات ! .. كان حديثاً يدور بين اثنين لم يكفّا عن الضحك و المُزاح حتى تلك اللحظة غير المنطقيّة ، عديمة السبب التي قرّرا فيها أن يتعانقا ! .. لا أعلم لِم شعرت وقتها أن ملامحهما قد اختفت ، و لا أثر لأيّ تفاصيل في وجهيهما على الإطلاق ! .. انتظرت بكاءاً ، حديثاً ، أي اختلاجة تؤكّد لي بأنهما لا يزالان على قيد الحياة .. لكنني شعرت بأن الأمر قد طال ، ربّما تجمّد الوقت بهم و بي أيضاً !

قلّ لي .. بِماذا تشعر و أنت تتناول دواءاً يخصّك ؟! .. لقد سمعت أحدهم يقول إن ذلك الأمر يعني أن ثمّة شئ لم يعد على ما يُرام ! .. ثمّة جزء من جسدك لم يعد يعمل كما يجب ، أو ربما قد توقّف عن العمل أصلاً .. كأن جُزءاً منك صار يكرهك فجأة ! .. بالتأكيد هو يبالغ ، أليس كذلك ؟! .. عليّ الآن إنهاء رسالتي أو التخلُّص منها كما تعلم ، و لكن قبل أن أفعل ذلك أخبرني .. هل سمعت عن هؤلاء الذين يصنّفون البَشَر و يقسّمون حياتهم إلى مراحل ؟! .. أتساءل كيف يمكنهم الحُكم على تصرُّفات المرء فقط بمعرفتهم عُمره المسجّل في بطاقته الشخصيّة ؟! .. الحياة يا عزيزي عشوائيّة بطبيعتها لذلك فقد يفشل كل من يحاول ترتيبها و حصرها في روتينٍ سخيف ! .. أستطيع أن أخبرك أن هؤلاء هم من جعلوا حياتنا مملّة ، و ربما ظالمة في بعض الأحيان !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.