" و لهذا يختلف علم النفس و الدين في علاج الأمراض النفسية .
فلا يرى علم النفس إمكاناً لتبديل النفس أو تغييرها جوهرياً لأن النفس تأخذ شكلها النهائي في السنوات الخمس الأولى من الطفولة .. و لا يبقى للطبيب النفسي دور سوى إخراج المكبوت إلى الوعي .. أو فتح نوافذ للتنفيس و التعبير و تخفيف الغليان الداخلي .. و بهدف الوصول إلى ذلك يلجأ الطبيب النفسي إلى العلاج بالتنويم المغناطيسي أو العلاج بالتحليل أو العلاج بالإيحاء أو بالتنفيس و التعبير و الفن و اللعب أو العلاج بالاستغراق في عمل آلي .
و كل هذه الصور من العلاج أشبه بعلاج السرطان بالمراهم أو المسكنات لأنها لا تحاول أو تغير من النفس شيئاً ، فكلها تقبل وجود الدمل النفسي على حاله ثم تقول للمريض .. اصرخ أو غن أو ارقص لتنفس عن آلامك .. أو تضع يده على الدمل و تقول له .. هنا الدمل .. و هذا كل جهدهم .
..........
و النفس دائماً تستخفي على النظرة التحليلية و تتنكر بما تطرح في الظاهر من ردود أفعال سلوكية و هي لا تعطي سرها أبداً حتى صاحبها إذا بدأ يتدبرها كموضوع لأنها ليست موضوعاً بل هي في جوهرها ذات بكر إذا فضضت بكارتها و هتكت استسرارها و حاولت أن تقتحمها بالنظرة الموضوعية استعصت عليك و تفلتت منك بمجموعة من البدائل السلوكية الخادعة و تحولت إلى شئ آخر .. و لم تعد (( هي )) . "
د / مصطفى محمود
من كتاب .. " من أسرار القرآن "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.