عندما تسيطر جوارحك على نفسك ، عندما تسبق عقلك .. يصبح الأمر عبثياً ! .. ما فائدة البشر إذن في الحياة إذا كان كل شيء قابل للتأقلم ؟! .. اعتدت على ذلك .. اعتدت على حمل السلاح .. تدربت كثيراً و تفوقت ، وجدت من يصفق لي و يشجعني .. صرت مميزاً ، فريداً ، ماهراً بالنسبة إليهم طبعاً ! .. و هل يهمني أمر أناس غيرهم ؟! .. تلك هي حياتي .. خدعة كبرى أحاول أن أعيشها بصدق قدر الإمكان ، فأنا أعلم أنني ضعيف .. ضعيف جداً .. قد أكون أضعف المخلوقات على الإطلاق !
القوة شيء مهم أحاول الوصول إليه كي لا أعيش في ألم ، أو ربما كي أستطيع تحمل الألم ! .. لم أجد غير تلك الآلة كي تمنحني القوة ، السلطة ، المهابة .. كل ما يشعرني بأنني " السيد " حتى و إن كان هذا شعور زائف ! .. لِم يلومونني إذن لمجرد أنني " حامل سلاح " ؟! .. فليلقوا باللوم على من صنعه .. من اخترعه .. من أطلق فكرته ، أو فليلوموا السلاح نفسه ! .. لست سوى عبد .. ذلك هو الواقع الذي أحاول الهروب من التفكير فيه !
هذا الشر الذي أحمله و الذي صار جزء مني – كأني ولدت به – يجعلني أعيش و أنا موقن بأنني في خطر .. صرت أتنفس ترقب و قلق و استعداد للقتل .. أجل ، القتل .. و هل يعتقدون أن للسلاح وظيفة أخرى غير تلك ؟! .. القتل كلمة تخص البشر فقط ، و ربما لا تليق إلا بهم ! .. القتل فعل لم يخلقه إلا بشر ليسير في هذا العالم موجهاً ذلك السلاح إلى نفسه ! .. لعنة جديدة يضيفها الإنسان إلى أيامه ! .. لطالما حيرني أمر ذلك المخلوق !
كلا .. لن أتوقف عن القتل ، لإنني لا أستطيع التوقف عنه أصلاً ! .. كل ما فيّ صار يسبقني .. يدي .. التي ترفع و تطلق ، عيني .. التي تحدد فتصوب .. صرت مثله ، صرت جزء منه ! ، و لكن .. لِم لا يتعذب هو بدلاً عني .. فما أنا إلا مجرد عبد ؟! .. في البداية كنت أعتقد أنني أصيب فقط و لا أقتل و إلا فلِم لاأزال أرى وجوههم أمامي تزداد غضباً و ثورة ؟! .. إنهم هم أنفسهم لايزالوا يتقدمون ، فلا أشعر أنني فعلت شيئاً ! .. لا يقل عددهم أبداً ، لا يقعون ، لا يهدأون ، لا يموتون بسهولة .. أو أنهم لا يموتون أصلاً !! .. عيونهم تثير ذعري ، تواجهني بالحقيقة و لكن بشكل مختلف فلا أقدر على الهروب هذه المرة .. عيونهم تصبح أقوى ، صرخاتهم تصير أعلى ، أقدامهم تعود أكثر ثباتاً .. كأنني لم أفعل شيئاً على الإطلاق ، كأنني لم أقتل .. لذلك فلن أكف عن القتل !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.