" ماذا جنى من حياته الماضية ؟. ماذا جنى غير الفراغ و الدوار ؟. قدمت من الجهد فوق ما يطيق البشر ، و لكنه جهد باسم الطموح الجنوني ، باسم الجشع ، باسم الأنانية ، باسم الكراهية ، باسم الحقد ، باسم العراك .. ولا عمل واحد باسم الله !
...
و فكر ملياً ثم قال لامرأته بحماس طفلي :
_ ألا يمكن أن يبدأ الإنسان حياة جديدة و لو في مثل عمري ؟
_ أي حياة ؟!
_ جديدة بكل معنى الكلمة ، أرجو أن تجيبي بأن هذا ممكن .
فساورها حب استطلاع مشوب بقلق و قالت :
_ لا أفهم ، ماذا تعني ؟
_ سوف تفهمين ..
جديدة بكل معنى الكلمة ، وإلا فكيف يحتمل العمر الباقي ؟ .. و أغمض عينيه كمن يتذكر أشياء مستعصية .. و كانت تتابعه بعينين قلقتين فما لبثت أن ساءلت نفسها : ترى لم يبتسم هكذا ؟
و كان حقاً يبتسم .. ابتسامة جديدة ، لا نفاقاً و لا تشفياً و لا استفزازاً و لا سخرية و لا مكراً و لا تحريضاً و لا .. و لا ..
ابتسامة صافية .. "
نجيب محفوظ
من مجموعة " دنيا الله "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.