الأربعاء، 8 أبريل 2015

دفتر ..

عزيزي الغريب .. ربّما لا نحتاج إلى أي أسفار بعد الآن ، لم يعد ذلك ضروريًّا كما تعلم .. ففي النهاية ، كل منّا صار يحمل أكثر من ذكرى و أكثر من دهشة .. بالضبط كبيتك الذي يحمل كل ركنٍ فيه رائحةً مختلفة ! .. كل شئٍ صار يعلق بك بسهولة ، و أنت لا تملك القوة أو حتى المكر الكافي للتخلُّص منه ! .. ربّما لأنك تتقبَّل الخدعة نفسها في كل مرة ! .. إنها الحياة التي تعاملنا كالأطفال ، فتصرف انتباهنا عن شئ بشئٍ آخر ! .. و كل ما قد ظننا أننا تركناه رغمًا عنّا ، أو تخلّصنا منه بإرادتنا .. نجده في النهاية يسكن حقائبنا في تحدٍ ! .. تُرى هل يمكننا التخلُّص من حقائبنا يومًا ما ؟!

حسنًا ، و لكنني أحتاج الآن إلى أن أحدّثك عنهما .. " هي " لا تملّ من الإجابة عن أسئلته الغبيّة ! .. " هو " لا يدرك أنه يكرّر الأسئلة نفسها كل ساعةٍ تقريبًا ! .. " هي " لا تملك سببًا حقيقيًّا و صادقًا للاحتفاظ به ! .. " هو " يدرك تمامًا أنها فرصته الوحيدة التي يريد التخلُّص منها أحيانًا ، و لا يعلم كيف ؟! .. " هي " تعتقد دائمًا أنها وحيدة ، إلّا أن ذلك ليس صحيحًا ! .. " هو " يعلم تمامًا أنه وحيد ، و لأن الفكرة تثير غضبه فإنه يتصرَّف على نحوٍ يزيد من وحدته ! .. " هي " اعتادت ألّا تنتبه لحالها ، و إن أرادت التخلُّص من مشكلةٍ ما فليس عليها سوى اللجوء إلى النوم أو الطهي ! .. " هو " لم يعد يجيد فعل شئ سوى النوم جالسًا على كُرسيه ، و قطع ورقة من دفتره عند استيقاظه كل يوم !

أمّا عنّي .. فمنذ أيام قرأ لي أحدهم إحدى رسائلي همسًا ! .. أخرج ورقة من دفتري ، و واجهني بها كأنما يتَّهمني بشئ ، و راح يقرأ ما فيها ، بينما كان ينظر إليّ بعينين واسعتين ساخرتين ! .. لم أكن أعلم إن كانت تلك السخرية هي طبيعة نظرته أصلًا ، أم أنه كان يقصدني بذلك ؟! .. الغريب يا عزيزي ، أنني شعرت بالسعادة ! .. ربّما لأنني سمعت كلماتي بغير صوتي ، أو ربّما لأن ما سمعته كان نصًّا لم يُكتَب بعد .. إلّا أنني كنت أعلم أنه لي ! .. هل تعلم .. إنني لا أتذكَّره حتى ، لكنني أعلم جيّدًا أنني سأدوّنه يومًا ما في إحدى ورقات دفتري .. ليأخذها أحدهم .. و يقرأ لي ما فيها همسًا !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.