الأحد، 2 أكتوبر 2016

وجبة..


عزيزي الغريب.. لم أكن أعلم أن كوبًا من الحليب الدافئ يمكنه إيقاف كل شئ يدور بداخلك، وحتى كل شئ يدور في العالم من حولك.. حقًا لم أعلم أن الأمر قد يكون سهلًا هكذا.. ظننت أنني ودّعت رسائلك إلى الأبد، لكن الحياة ما زالت تفاجئني، ويبدو أنني ما زلت بحاجةٍ إليك، وإلى الحديث معك.. حتى إن كان ذلك سيحدث مرة كل عام.. عزيزي، أنا أتآكل.. صِرت الطبق المفضّل لشئٍ ما، أو ربما لأشياء كثيرة لا أعرفها كلّها.. ساعات الحائط، القلق، البشر أنفسهم.. الأمر مخيف، ومثيرٌ للجنون، ولا أعلم كيف يمكنني التخلّص منه؟.. ربّما قد تساعدني تلك الرسالة.. أنا وأنت نفهم جيّدًا ما فيها.. فقط أنا وأنت.. أنا أنت..

أخبرني.. كيف يمكنك التخلّص من حلمٍ ما يراودك كثيرًا؟.. لا أقصد كابوسًا، وإنما هو حلم عادي.. أظن أنه عندما تتكرّر تفاصيل ما تراه كل ليلة، حتمًا سيتحوّل الأمر إلى كابوس.. هل عليّ فعل ما يخبرني به بعضهم؟.. أن أكتب تفاصيل ما أراه كل ليلة، وأقوم بتغيير نهاية الحلم، وكتابة نهاية جديدة مُرْضية بالنسبة لي.. هل هذا يجدي؟.. حسنًا.. أنا لا أقصد حلمًا بعينه، ولكن.. ماذا إن كان أحدهم يسيطر على تفكيرك، بينما لم تنتبه أنت بعد لتلك الكارثة؟.. الأمر هنا مخيف أيضًا، ومثير للجنون.. شئ كهذا أيضًا يأكلني على مهل.. هل عليك إخبار أحدهم هكذا ببساطة بألّا يأتيك في أحلامك مجدّدًا، أم ربّما عليك إخباره بأنك -فقط- تراه؟.. ربما قد يتوقّف كل شئ حينئذ.. وسيغادرك أحد هؤلاء الوحوش الذي اعتاد أن يتغذّى عليك.. فقط إن امتلكت تلك الجرأة، وقلتها.. لا أرى في ذلك ما يشبه الاعتراف، وإنما هي محض رسالة عليك تبليغها، ثم المغادرة..

لا أذكر إن كنت أخبرتك قبلًا بأن استبدال البشر بالقطط قد لا يجدي أحيانًا.. القطط كائنات بشعة وجميلة، لكنها على الأقل تظل قطط حتى النهاية، ولكن.. ماذا عن البشر؟.. الأمر هنا ليس ثابتًا، يا عزيزي.. إننا لا نبلغ الطمأنينة إلّا أسفل شجرة عجوز.. القطط بشعة وجميلة، وكذلك البشر.. أنت وأنا.. ألا ينبغي للعالم إذًا أن يحتفظ بالأشجار؟.. تلك الاستراحات الصغيرة التي تمدّنا بالقوة لتغادرنا كل الوحوش لبعض الوقت، في انتظار موعد الوجبة الجديدة.. ألا يبدو أمرًا رائعًا أن تشعر بأنك تتآكل؟.. هذا يعني أنك لم تنته بعد، وأنك ما زلت تحمل الكثير لإخفائه، أو ربما تركه لبعض الوحوش بالضبط كما تفعل مع القطط.. عزيزي، أعلم أن الحليب الدافئ لن يُجدِ في بعض الأحيان، لكني أظن أنني لا أملك غيره وغيرك..

هناك 5 تعليقات:

  1. الردود
    1. يا شذى.. :)
      وحشتني طلّتك هنا أوي.. واعذريني إني مابقتش أكتب زي الأول..

      حذف
  2. الله يسلّمك.. وآسفة ع التأخير.. :)

    ردحذف
  3. كل هذه الوحدة و السواد لقد بدأت أخاف من القطط أيضا

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.